لماذا لم يعامل صلاح الدين الأيوبي الصليبيين بالمثل عندما فتح بيت المقدس؟
يأتيك الجواب:
أرسل الفرنجة المتحصنين في بيت المقدس بقيادة بيليان يطلبون الأمان من صلاح الدين، وبعثوا جماعة من أكابرهم في ذلك؛ فامتنع الملك الناصر من ذلك وقال، لا أفعل بكم إلا كما فعلتم بأهله حين ملكتموه في سنة إحدى وسبعين وأربعمائة من القتل والسبي.
فلما رجع الرسل إليهم، أرسل باليان بن بارزان يطلب الأمان لنفسه ليحضر إلى الملك الناصر، فأمنه، فحضر إليه وسأله الآمان فلم يجبه، واستعطفه فلم يتعطف، واسترحمه فلم يرحمه.
فلما أيس منه قال له ما معناه: أيها السلطان، اعلم أننا في هذه المدينة في خلق كثير لا يعلمهم إلا الله تعالى، وإنما يفترون عن القتال رجاء الأمان، وهم يكرهون الموت ويرغبون بالحياة؛ فإذا رأينا أن الموت لا بد منه والله لنقتلن أبناءنا ونساءنا، ونحرق أموالنا وأمتعتنا، فلا نترككم تغنمون منها دينار واحداً ولا درهماً، ولا تسبون ولا تأسرون رجلا أو امرأة فإذا فرغنا من ذلك خربنا الصخرة والمسجد الأقصى؛ وغير ذلك من المواضع الشريفة؛ ثم نقتل من عندنا من أسرى المسلمين، وهم خمسة آلاف، ولا نترك لنا دابة ولا حيواناً إلا قتلناه، ثم نخرج إليكم، كلنا، فنقاتلكم قتال من يريد يحمي دمه ونفسه، فلا يقتل الرجل منا حتى يقتل.
فلما سمع الملك الناصر كلامه استشار عند ذلك أصحابه، فأشاروا عليه بموافقتهم.
المصدر: نهاية الأرب في فنون الأدب: النويري
0 التعليقات