ان جاءك سؤال في مسابقة ما "من هو نابليون بونابرت" او "من هو أدولف هتلر" فحتما ستجيب و لكن ان طرح عليك سؤال "من هوالقعقاع بن عمرو التميمي" او "من هو بطلنا هذا" فاظن أن أغلبنا لن يجيب.
قصتنا اليوم قصة بطل من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، هو المُثنَّى بن حارثة رضي الله عنه، أسلم سنة تسع، وقيل: سنة عشر، وقيل: أسلم قديمًا، وكان موصوفًا بالشهامة والشجاعة وحُسن الرأي.
سمَّاه عمر رضي الله عنه: "مؤمر نفسه"؛ لأن ديار قومه كانت قريبة من الإمبراطورية الفارسية، فكان يُغِير بقومه على سواد العراق أي: قُراها، وكانت أخباره الطيبة تأتي المدينة زمن أبي بكر رضي الله عنه، فيقول: "من هذا الذي تأتينا وقائعه -معاركه- قبل معرفة نسبه؟!".
ثم إنه قدِم المدينة، وقال لأبي بكر رضي الله عنه: "يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ابعثني على قومي؛ فإن فيهم إسلامًا أقاتل بهم أهل فارس"، ففعل أبو بكر رضي الله عنه.
فرجع إلى قومه يقاتل بهم الفرس، ولما أرسل أبو بكر خالدًا رضي الله عنه إلى العراق أميرًا للجهاد انضم إليه المثنى بقومه، وما كان منه إلا السمع والطاعة.
ولما طلب أبو بكر من خالد أن يذهب مددًا للمجاهدين بالشام استناب خالدٌ المثنى على الجيش.
من أيامه البيضاء رضي الله عنه: وللمثنى رضي الله عنه أيام بيضاء كثيرة بأرض العراق(يوم النمارق و على ابواب المدائن ومعرمة الجسر) ، نذكر منها: "يوم البُوَيْب"، وكان من خبر هذا اليوم أن الفرس أرسلوا جيشًا كثيفًا بقيادة "مِهران"؛ ليأخذوا بثأر "يوم الجسر" الذي قتل فيه منهم مقتلة عظيمة.
فاجتمعوا عند مكان يقال له: "البُوَيْب"، يفصل بينهم وبين المسلمين نهر الفرات، فقال الفرس للمسلمين: "إما أن تعبروا إلينا، وإما أن نعبر إليكم".
قال المسلمون: بل اعبروا إلينا. فعبرت الفرس.
لقد كان هذا اليوم يومًا مباركًا مِن أيام شهر رمضان، فعبَّى المثنى جيشه جيدًا، وعزم عليهم بالفطر، ليكون أقوى على القتال؛ ففعلوا، وحضهم على الجهاد والصبر، وقال: إني مُكَبِّرٌ ثلاثَ تكبيرات، فتهيئوا، فإذا كبّرتُ الرابعة فاحملوا -أي: اهجموا على العدو-. فقالوا: السمع والطاعة.
فلما كبَّر التكبيرة الأولى عاجلتهم الفرس، وحملوا عليهم حتى غالقوهم -أي: أحدثوا بينهم اضطرابًا-، واقتتل الطرفان اقتتالاً شديدًا، وجعل المثنى يقول: "يا معشر المسلمين، عاداتكم.. انصروا الله ينصركم". فجعل المسلمون يدعون الله بالنصر والظفر.
استمر القتال.. ولما طالت مدة الحرب جمع المثنى جماعة من أصحابه الأبطال، وطلب منهم أن يحموا ظهره، وحمل على "مِهران" قائد الفرس، فأزاله عن موضعه حتى دخل في ميمنة جيشه، وحمل عليه المنذر بن حسان فطعنه، ثم قام جرير بن عبد الله بحَزِّ رأسه -أي: قطعها-، رضي الله عنهم جميعًا.
فلما رأت الفرسُ مصرعَ قائدها هربت، وتبعهم المسلمون يفصلون رؤوسهم عن أكتافهم فصلاً.
وسبق المثنى البطلُ الشجاعُ إلى الجسر؛ ليمنعهم من العبور، وليتمكن منهم المسلمون، فمكنهم الله -تعالى-، وقتلوا من الفرس قريبًا مِن مائة ألف -ولله الحمد .
0 التعليقات