معارك غيرت مجرى التاريخ الإسلامي - موقعة الخندق

12:38 ص

3- موقعة الخندق – الأحزاب 5هـ
لم يبق من يهود المدينة سوى بني قريظة، وقد آلمهم ما حل بإخوانهم بني قينقاع وبني النضير، ورأوا أن يحرضوا قريشا وأحلافهم من قبائل العرب على حرب المسلمين والقضاء على دولتهم، وتعهدوا بمظاهرتهم في هذه الحرب، وحشدت قريش ونادت أحلافها وأحزابها فجاءوها برجالهم يلبون نداءها، وبلغ الحشد عشرة آلاف مقاتل.
وعلم النبي صلى الله عليه وسلم بخبر هذه الحملة العظيمة فاستشار أصحابه فأشاروا عليه أن يقف المسلمون موقف المدافع عن مدينتهم، وأشار سلمان الفارسي رضي الله عنه بحفر خندق حول المدينة يقف الرماة دونه، يمنعون من يحاول اجتيازه من المشركين.
وجاء من يخبر النبي صلى الله عليه وسلم بما فعل بنو قريظة فأرسل إليهم سيدين من سادة الأنصار هما سعد بن معاذ سيد الأوس، وسعد بن عبادة سيد الخزرج لتذكيرهم بعهد النبي صلى الله عليه وسلم ونهيهم عن الغدر بالمسلمين وتحذيرهم عاقبته، فسخروا منهما وأظهروا عزمهم على مظاهرة قريش.
ولما وصل جيش المشركين وقف دون الخندق ولم يستطع الدخول إلى المدينة وأخذ رماة المسلمين يصرعون من يحاول اجتياز الخندق، ودام الحصار شهرا حتى برم حلفاء قريش (الأحزاب) بطول الانتظار وفوت ما كانوا يأملون من الغنائم، ووقع الخلف والشقاق بينهم وبين قريش.
وهنا يسر الله إسلام زعيم من زعماء العرب هو نعيم بن مسعود الأشجعي. وكان قد قدم مع قومه بني الأشجع لقتال المسلمين مع من قدم من أحلاف قريش، فأعلن إسلامه وطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يشترك مع المسلمين في الدفاع عن المدينة فطلب منه الرسول أن يخفي إسلامه وأن يخذل قريشا وبني قريظة ويوقع بينهما الشقاق، ففعل ونجحت الخطة.
ثم أرسل الله ريحا عاتية على جيش قريش والأحلاف فانتزعت الخيام وكفأت القدور وملأت الأفواه والعيون بالرماد, وقد أشار القرآن الكريم إلى هذا العون الإلهي بقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا ، وكان الأحزاب قد سئموا الانتظار وطول الحصار، فأخذوا يتراجعون، وارتدت قريش وهي تتجرع غيظها، وفي ذلك يقول الله تعالى: وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ .
تحكيم سعد بن معاذ بما فعل يهود بني قريظة:
فور انتهاء غزوة الخندق جهز النبي صلى الله عليه وسلم سرية وتوجه إلى بني قريظة ليعاقبهم على نقضهم العهد، فتحصنوا في حصونهم، ولما اشتد عليهم الحصار طلبوا تحكيم سعد بن معاذ وكانوا حلفاءه، واستجاب النبي صلى الله عليه وسلم لطلبهم، فحكم سعد بقتل رجالهم وسبي نسائهم وأطفالهم، ونفذ النبي صلى الله عليه وسلم حكم سعد فيهم.
الرسول يوجه رسائل إلى ملوك وأمراء الدول المجاورة:
أخذ الإسلام ينتشر في جزيرة العرب بعد الانتصارات التي حققها النبي صلى الله عليه وسلم في أعقاب صلح الحديبية ورأى النبي صلى الله عليه وسلم أن تبلغ دعوته مسامع ملوك وأمراء الدول المجاورة، فأرسل إليهم كتبا مع سفراء يدعوهم إلى الإسلام، فاستجاب البعض لدعوته كالمنذر بن ساوى أمير البحرين ورد الآخرون السفراء.
فمنهم من كان رده جميلا كملك الروم والمقوقس صاحب مصر، ومنهم من كان رده قبيحا ككسرى أبرويز ملك فارس فقد مزق كتاب النبي صلى الله عليه وسلم . وكذلك شرحبيل أمير غسان الذي سخر من الدعوة للإسلام , وقتل سفير رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الحارث بن عمير الأردي ) رضي الله عنه .

0 التعليقات