معارك غيرت مجرى التاريخ الإسلامي - معركة جلولاء

12:51 ص

11- معركة جلولاء 16 هــ :
بعد أن حقق المسلمون فتحهم الكبير لعاصمة الفرس ( المدائن ) أصيب الفرس بهزيمة نفسية مروعة وتشرذمت الجيوش الفارسية تحت الضربات الموجعة للجيوش الإسلامية، وتفرقت فلول الفرس المنهزمة من المدائن والأهواز وغيرها في عدة أماكن، وفي ظلمة اليأس القاتل قرر رجلان من آخر قادة الفرس بقاءً وهما ( مهران الرازي ) و (الهرمزان) تجميع شتات فلول الفرس والتحصين بهم في إحدى البقاع القريبة من (المدائن) لمنع تقدم المسلمين أكثر من ذلك، فاختاروا مدينة على بعد أربعين ميلاً شمال المدائن، وكانت ذات موقع إستراتيجي جيد، وبالغوا في تحصينها لتكون عقبة أمام الحملات الإسلامية، وعمل “مهران” على رفع معنويات جنوده بشتى الوسائل للتصدي للمسلمين، وصلت أخبار هذه الاستعدادات الحربية للقائد العام للعراق “سعد بن أبي وقاص”، فأرسل جيشًا من اثني عشر ألفًا بقيادة ابن أخيه “هاشم بن عتبة ” الملقب بالمرقال، ومعه بطل العراق “القعقاع بن عمرو“، وبمنتهى السرعة وصل المسلمون إلى المدينة فوجدوا أحاطوها بخندق مائي متسع وعميق، وزرعوا حول المدينة حقولاً من حسك الحديد لإعاقة خيل المسلمين عن التقدم، ولمس المسلمون الاستماتة الدفاعية الكبيرة عند الفرس، فضربوا على المدينة حصارًا شديدًا استطال حتى جاوز سبعة أشهر وهي أطول مدة حاصر المسلمون فيها مدينة بالعراق، ومع طول الحصار طلب “هاشم المرقال” من القائد العام “سعد بن أبي وقاص” إرسال إمدادات جديدة.
وفي صباح يوم الأحد 15 من ذي القعدة سنة 16هـ خرج الفرس بأعداد ضخمة من المدينة وأنشبوا القتال مع المسلمين بمنتهى الضراوة، وقابلهم المسلمون بضراوة أشد وأنكى، ومع تطبيق خطة الفرس بالتناوب علي المسلمين بدأ التعب والإرهاق يحل بالمسلمين، وهذا الأمر أخذ يؤثر على نفسيتهم وشدتهم في القتال، وهنا برز دور البطل العظيم الذي لم ينل حظه من الشهرة والمعرفة عند المسلمين وهو “القعقاع بن عمرو”؛ إذ وقف بين الصفوف يحرض المسلمين على الثبات ومواصلة القتال، ثم قام بخطوة عبقرية في القتال، إذ كان الليل على وشك الحلول، فضغط بسرية من خلاصة الفرسان على مؤخرة الفرس المنسحبين لدخول المدينة، ليتمكن بذلك من السيطرة على الخندق وبالتالي يمنع باقي الفرس من العودة لتحصينات المدينة، ثم نادى في المسلمين “أين أيها المسلمون؟ هذا أميركم ـ يعني المرقال ـ على باب خندقهم، فأقبلوا عليه ولا يمنعكم مَن بينكم وبينه من دخوله”، فأثار حمية المسلمين و أوقعوهم في فخهم فترجلواعن خيلهم و رحالهم و حينها طحنهم المسلمون طحنًا شديدًا وأفنوهم عن بكرة أبيهم، حتى بلغ قتلى الفرس مائة ألف قتيل، وجللت جثثهم الساحات أمام المدينة، لذلك سميت المدينة بعد ذلك “|جلولاء” لما جللها من قتلى الفرس.

0 التعليقات